حول تطور مفهوم الفن وحواجز الترجمة

من المشاكل التي تعتري محاولات فهم ماهية الفن هو أنه مفهوم حديث ظهر في السياق الثقافي الغربي ومرتبط به تماماً، فالفن بالمفهوم الذي نعرفه اليوم لم يكن يعرف قبل ٣٠٠ أو ٤٠٠ عام. لذلك فعندما نحاول تتبع جذوره لابد لنا وأنا نعود لحقول أخرى كالصناعات الحرفية والمهنية والتزيين وغيرها لأنها تتضمن عناصر مما نعبر عنه بأنه فن في العصر الحاضر.

ومن العجيب أن كل ما يعزى من تعاريف قديمة للفن كتعاريف الفلاسفة  الإغريق لا يصح لأن الفن لم يكن له وجود حينها. فالمصطلح الأغريقي الذي يترجم عادة على أنه فن (تِخنو  Techno) يعني الحرف العملية المهنية، ولكنه يترجم تارة على أنه فن وتارة أنه صناعة. بل وأرى أن إطلاق مسمى الفن الإسلامي على الزخارف المعمارية والنقوش والخط العربي القديم عند المسلمين هو مصطلح خاطئ لأن كل هذه المجلات كانت حرف لها طابع وظيفي وليست فناً خالصاً، لذلك لم يوجد قديماً فنان بل وجد خطاط وشاعر ومعماري ونجار وهكذا. لذلك فإن فهم ماهية الفن يتطلب فهم متغيرات الفكر الغربي منذ القرن الخامس عشر والذي أنتج لنا الفن بمفهومه الحالي.

وهذا مثال من كتابات إبن رشد (شارح أرسطو الأكبر) في كيف أنه أورد عباراتين لأرسطو تكلم في الأولى عن الصناعة وفي الثانية عن الفن ولكنها جميعاً في النص الأغريقي تعني Techno أو الحرف المهنية.

“إن الصناعة هي تمام الشيء الذي لم تستطع الطبيعة إتمامه، فالصانع يكمل ما تعجز عنه الطبيعة بفضل معرفته بالمبادئ والقوانين التي تسير بها الأشياء”

“وأما الفن، فهو علم نظري بما يُفعل، وذلك أن المبدع يضع في الشيء مثالًا لشيء آخر من غير أن يكون ذلك الشيء له وجود طبيعي، بل يوجد عن طريق الفعل الصناعي”

✍️ بقلم:

سالم باعارمة

أحدث التدوينات

30 يونيو 2024

Scroll to Top